يعود تاريخ تأسيس المدرسة النورية في بعلبك إلى (ت569هج) حوالي سنة 552هج/1157م والتي دعا الى اقمتها نور الدين الاتابك زنكي عندما زار بعلبك لتفقد احوالها وتقرير أمر المستحفظين لها .
وكان نور الدين محبا للعلم فاسس المدارس في دمشق وبعلبك وحمص وحماه ومنبج وعرفت كلها باسم النورية وجعل الإشراف عليها لقاضي القضاة من الشافعية .
ان اثار المدرسة النورية ما زالت قائمة الى اليوم , ملاصقة للمسجد الكبير شرقي هياكل بعلبك ولها ثلاثة ابواب كلها تفضي الى المسجد من جهته الشرقية ومساحتها 420 مترا مربعا ضمت بضع غرف للطلاب والمشايخ وباحة للدرس تتوسطها بركة ماء طولها خمسة امتار وعرضها اربعة امتار وعلى زواياها اربعة اعمدة مضلعة ويتصدرها محراب نقلت بعض حجارتها من الهياكل المجاورة .
ويقول المؤرخ الدكتور حسن نصر الله ان ثلاثة عشر شيخا اقاموا في المدرسة النورية ومن اهمهم الشهيد الثاني .
والشهيد الثاني هو زين الدين بن علي الجباعي (ت1558م) , سكن مدة في بعلبك ودرس الفقه على المذاهب الخمسة في المدرسة النورية ويشير الشهيد في مذكراته ان عيشته في بعلبك كانت عيشة راضية واياما ميمونة واوقات بهجة , ما راى اصحابنا في الامصار مثلها لما تنطوي عليه من براءة وعظمة ونبل وخلوص .
وطاف الشهيد الثاني العالم الاسلامي واقام افضل العلاقات مع علمائها من دمشق الى مصر ولطالما كان يحمل هما مقلقا حول تقاطع المذاهب الاسلامية فيما بينها وحول تحول هذه المذاهب الى كيانات مغلقة لا تتعارف ولا تتجاور ويشهد على ذلك محاورته اللطيفة مع اعلى شيوخ مصر في زمانه الشيخ ابو الحسن علي بن محمد البكري (ت1545م) حول تقوقع المذاهب على نفسها وعدم التلاقي مع غيرها من المذاهب .
واليوم دعوة الى جميع الغيارى لاعادة احياء نهج الشهيد الثاني القائم على رفض التقوقع او اللاتعارف المذهبي وجعل المدرسة النورية بعد ترميمها وتاهيلها مركزا للتقارب بين المذاهب الاسلامية .